تحليل: المعركة ضد الحوثيين .. لماذا هي الأكثر تكلفة لأمريكا حاليا؟
يمن فيوتشر - DW- جنيفر هولايس: الأحد, 04 مايو, 2025 - 04:14 مساءً
تحليل: المعركة ضد الحوثيين .. لماذا هي الأكثر تكلفة لأمريكا حاليا؟

يتصاعد الصراع بين الولايات المتحدة وحكومة الأمر الواقع اليمنية، التي تقودها ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، والتي تُصنّفها واشنطن منظمة إرهابية.

يوم الأحد (27 أبريل/ نيسان)، أسفرت غارة أمريكية على معسكر احتجاز للمهاجرين الأفارقة في محافظة صعدة عن مقتل عشرات المهاجرين الإثيوبيين. ووفقا لوكالة الأنباء "سبأ" التابعة للحوثيين، فإن عدد القتلى يقارب 200، بينما ذكرت وكالة أسوشيتد برس أن العدد أقل، إذ بلغ حوالي 70 قتيلا.

وحتى الآن، صرّحت القيادة المركزية للولايات المتحدة، أو (CENTCOM) "سنتكوم"، التي تُشرف على العمليات والقوات العسكرية في الشرق الأوسط، بأنها "تُجري حاليا تقييمًا لأضرار المعارك والتحقيق بخصوص تلك الادعاءات".

كما كشفت "سنتكوم" لأول مرة عن عدد الغارات على أهداف الحوثيين منذ بدء التدخل الأمريكي، الذي أطلق عليه اسم "عملية الفارس الخشن" (Rough Rider)، في منتصف مارس/ آذار وقالت إنها شنت 800 غارة.

وقد صرح ديف إيستبورن، المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية، على منصة X قائلا: "لقد قتلت هذه الغارات مئات المقاتلين الحوثيين والعديد من قادتهم، بمن فيهم كبار المسؤولين المكلفين بالصواريخ والطائرات المسيرة لدى الجماعة".


انخفاض هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة!

أشارت تقارير أمريكية إلى انخفاض في هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة. وفقا للقيادة المركزية الأمريكية، انخفض إطلاق الحوثيين للصواريخ الباليستية بنسبة 69%. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت هجمات طائرات الحوثي المسيرة الهجومية أحادية الاتجاه بنسبة 55%.

كما أفادت وكالة أسوشيتد برس أن ميليشيا الحوثي، التي تُطلق على نفسها رسميا اسم "أنصار الله"، تمكنت من صد ما لا يقل عن سبع طائرات أمريكية مسيرة من طراز MQ-9 Reaper، تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من 200 مليون دولار (175 مليون يورو) خلال الأسابيع الماضية.

وحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، تجاوزت التكلفة الإجمالية للعملية الأمريكية الحالية ضد الحوثيين مليار دولار (877 مليون يورو). مما يجعل حرب الولايات المتحدة ضد الحوثيين العملية العسكرية الأمريكية الأكثر تكلفة في الوقت الحالي، ومن غير المرجح أن تنتهي قريبا.

وجدد المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية، إيستبورن، يوم الاثنين (28 أبريل/ نيسان) التأكيد على "مواصلة تصعيد الضغط حتى تحقيق الهدف، وهو استعادة حرية الملاحة والردع الأمريكي في المنطقة".

ووفقًا لوكالة أنباء سبأ، أصدرت وزارة العدل التابعة للحوثيين بيانا في اليوم نفسه أكدت فيه على ما وصفته بحق اليمن المشروع في الدفاع عن سيادته ومواطنيه بموجب ميثاق الأمم المتحدة، مشددة على أن استهداف المدنيين جريمة لا تسقط بالتقادم بموجب اتفاقيات الأمم المتحدة.


•دفاع جوي متطور

فابيان هينز، المحلل المتخصص في الشؤون العسكرية والدفاعية بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في بريطانيا، قال في تصريح لـ DW إن "العمليات العسكرية ضد الحوثيين، تلعب فيها طائرات MQ-9 Reaper المسيرة دورا مهما للغاية، إذ يمكنها البقاء في الجو لفترات طويلة جدا ومراقبة كل ما يحدث تحتها، على سبيل المثال تحديد مواقع منصات إطلاق الصواريخ المتنقلة".

ومع ذلك، فإن عيب هذه الطائرات هو افتقارها للسرعة وأضاف هينز: "طائرات MQ9 Reaper الأمريكية المسيرة بطيئة نسبيا، إذ طورت في الأصل لاستخدامها في مهام مثل التي سُطرت في أفغانستان أو مالي، حيث لا تمتلك الجماعات المسلحة أنظمة دفاع جوي حقيقية".

في المقابل، يمتلك الحوثيون نظامي دفاع جوي، وأوضح هينز: "لقد استولوا على بعض أنظمة الدفاع الجوي القديمة من الجيش اليمني عندما تولوا السلطة في البلاد عام 2015". وأضاف: "إنهم يتلقون أيضا إمدادات من إيران، بما في ذلك نظام صواريخ "358" (صواريخ أرض- جو) الذي طوره الإيرانيون خصيصا لإسقاط هذه الفئة من طائرات MQ-9 Reaper المسيرة".

ولم يستبعد هينز أيضا حدوث تغيير محتمل في الإمدادات الإيرانية مؤخرا. وقال في تصريحه لـ DW: "قد توفر طهران أنظمة ذات جودة أفضل، أو أنظمة جديدة، أو ببساطة المزيد منها". وأضاف: "أو ربما أصبح الحوثيون أفضل في أساليب الكشف".

ووفقا لمنظمة أبحاث تسليح الصراعات البريطانية (CAR)، التي توثق الأسلحة عند نقطة استخدامها وتتتبع مصادرها عبر سلاسل التوريد، فقد حدثت مؤخرا عمليات مصادرة شحنات متجهة إلى الحوثيين.

وقال تيمور خان، رئيس العمليات الإقليمية في منطقة الخليج في مركز أبحاث الصراعات (CAR) لـ DW: "لا يزال الحوثيون يعتمدون بشكل مطلق على إيران لتزويدهم بأنظمة أكثر استراتيجية، مثل أنظمة الصواريخ التي يستخدمونها لمهاجمة سفن الشحن التجارية أو دول أبعد مثل إسرائيل".

وأضاف: "مع ذلك، بذل الحوثيون جهودا متضافرة لتعزيز سلاسل توريد بديلة أو متنوعة من السوق التجارية في الصين، حيث يحصلون على سلع مزدوجة الاستخدام متوفرة تجاريا، ويمكن دمجها في الطائرات المسيرة والصواريخ محليا".

في وقت سابق من شهر مارس/ آذار، ذكر تقرير صادر عن مركز أبحاث الصراعات (CAR) أن الحوثيين حاولوا الحصول على خلايا وقود الهيدروجين من موردين صينيين، لم يحددوا هويتهم، لزيادة مدى وحجم حمولات طائراتهم المسيرة. وأكد خان أنهم "يُجرون تجارب ويحاولون تطوير قدراتهم في مجال الطائرات المسيرة".

خلال شهر أبريل/ نيسان المنصرم، صرح متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أيضا بأن شركة أقمار صناعية صينية تُساعد الحوثيين في هجماتهم على المصالح الأمريكية. ويرى المتحدثون أن هذه إشارة واضحة على أن بكين وموسكو تُبديان دعما متزايدا للحوثيين.


•حسابات المخاطر.. تغييرات جديدة

يواصل الحوثيون مهاجمة السفن في البحر الأحمر وشن هجمات بالصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيرة على إسرائيل، في مساعيهم المعلنة المستمرة لدعم حماس والفلسطينيين في غزة. وصرح فابيان هينز لـ DW بأن الهجمات الأمريكية على الحوثيين أصبحت "أكثر عدوانية".

وأوضح المتحدث نفسه أن "الانتشار العسكري يعتمد على حسابات المخاطر، حيث يُقيّم مدى جدوى إرسال نظام معين إلى منطقة معينة".

برأيه، من المرجح أن الولايات المتحدة غيّرت حساباتها للمخاطر تحت ضغط سياسي من دونالد ترامب، مثل إعادة إدراجه الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية في يناير/ كانون الثاني، أو عندما لم يُسفر تحذيره لإيران في مارس / آذار عن عدم تزويد الحوثيين بالأسلحة عن أي نتائج.

وفقا للعديد من المحللين الذين تحدثت إليهم DW منذ بداية العملية الأمريكية الأخيرة في اليمن، فمن المستبعد جدا أن تتمكن الغارات الجوية من هزيمة الحوثيين، الذين يتمتعون بإمدادات جيدة وقد اكتسبوا خبرة الحرب بعد سنوات من القتال ضد الحكومة اليمنية في الحرب الأهلية، التي توقفت مؤخرا في عام 2022 بعد قرار وقف إطلاق النار.

ويستمر تحمل السكان المدنيين وطأة الصراع، ووفقا لوكالة أنباء سبأ، فقد أسفرت الغارات الأمريكية عن مقتل مئات المدنيين منذ منتصف مارس/ آذار. كما توقف جزء كبير من المساعدات الدولية بعد تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية في يناير/ كانون الثاني. علاوة على ذلك، أوقفت الأمم المتحدة مشاريعها الإنسانية في فبراير/ شباط بعد اختطاف المزيد من موظفيها على يد الحوثيين.

رغم كل هذا، يتزايد عدد الراغبين في الهجرة إلى اليمن عبر القوارب من القرن الإفريقي. ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة، سُجِّل 28306 وافدا جديدا خلال شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط، بزيادة قدرها 713% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي (3481). وينحدر غالبية الوافدين الجدد من إثيوبيا، وهو ما يُفسِّر العدد الكبير من الإثيوبيين الذين قُتلوا في الغارة الأمريكية على مركز احتجاز المهاجرين في اليمن مساء الأحد الماضي.


التعليقات