تقرير: الزينبيات.. حجاب الحقيقة لدى الحوثيين
يمن فيوتشر - دايلي يورو تايمز- محمد الكرمي- ترجمة خاصة: الجمعة, 02 مايو, 2025 - 03:59 مساءً
تقرير: الزينبيات.. حجاب الحقيقة لدى الحوثيين

في شوارع صنعاء التي أنهكتها الحرب، برزت قوة جديدة ومقلقة: كتيبة الزينبيات — جهاز أمني نسائي يعمل خلف العباءات السوداء والوجوه المحجبة.

تحت راية الحشمة والفضيلة الدينية، أصبحت هذه القوة واحدة من أقوى أدوات جماعة الحوثي لإعادة تشكيل المجتمع اليمني من الداخل — وخاصة في السيطرة على النساء وترهيبهن.

 

النشأة والتطور
مع أن جذور الزينبيات تعود إلى ما قبل استيلاء الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014، إلا أن حضورهن الكامل لم يتجلى إلا بعد إحكام الجماعة قبضتها على السلطة.
في البداية، كانت الكتيبة تتكوّن من نساء قادمات من خلفيات فقيرة أو مهمشة، ويتلقين تدريبًا على يد خبراء يُعتقد أن لهم صلة بـ الحرس الثوري الإيراني.
هدفهن لم يكن القتال في الجبهات، بل فرض سيطرة اجتماعية شاملة: من المراقبة والتفتيش، إلى فرض الولاء العقائدي في صفوف المدنيين، لا سيما في الأوساط النسائية.
مع مرور الوقت، تطورت الزينبيات إلى وحدة أمنية واستخباراتية فعالة — وأحيانًا أكثر خبثًا من نظيراتها من الرجال.

 

إلهام إقليمي
هيكل الزينبيات يشبه بشكل واضح كتائب الباسيج النسائية الإيرانية وتكتيكات الجماعات المتطرفة الإسلامية مثل داعش، حيث تُستخدم النساء لمراقبة المساحات المخصصة للنساء فقط.
داخليًا، تنقسم الكتيبة إلى وحدات متخصصة:

الإنفاذ العسكري

المراقبة الإلكترونية

الاعتقال والتحقيق

جمع المعلومات الاستخباراتية الوقائية

هذه الوحدات تعمل بكفاءة مرعبة، وغالبًا خارج نطاق الرقابة التي تواجهها القوى الأمنية الذكورية.

 

تكتيكات الخوف والسيطرة
تُكلّف عضوات الزينبيات بمداهمة مساجد النساء لفرض العقيدة الحوثية، مراقبة التجمعات الخاصة، ملاحقة الناشطات، وتنفيذ الاعتقالات — غالبًا دون أي مبرر قانوني.
وقد تم توثيق العديد من حالات التعذيب الجسدي والنفسي داخل مراكز احتجاز غير رسمية.
إحدى الناشطات المعتقلات في 2019، تُعرف بـ"أ.م."، قالت:

"لم أكن أتخيل أن من سيعذبني هن نساء. لقد هددنني بالاغتصاب واستغللن كل نقاط ضعفي."


يتجاوز دور الكتيبة حدود المراقبة والاعتقال.
مع اشتداد الحرب وتدهور الوضع الاقتصادي، بدأت الزينبيات بإجبار النساء على التبرع بالمال والمجوهرات ودعم جهود الحوثيين العسكرية.
الرفض كان يُقابل بالعقاب — من حرمانهن من خدمات أساسية مثل الغاز المنزلي، إلى نبذهن اجتماعيًا.

 

تقنين القمع
في عام 2020، منح الحوثيون رتبًا عسكرية رسمية لعضوات الزينبيات، كمكافأة على ولائهن.
بل إن بعضهن أُرسلن إلى جبهات القتال، مما ضيّق الفاصل بين الأمن الداخلي والحرب الخارجية.

 

المجتمع الدولي يبدأ بالانتباه
بدأت الرقابة الدولية تتزايد.
في 2021، فرضت الأمم المتحدة عقوبات على القيادي الحوثي سلطان زابن لدوره في الإشراف على شبكة التعذيب والمراقبة الخاصة بالزينبيات.
وأكدت العقوبات تحول الكتيبة من ذراع دعائية إلى جهاز قمع فعّال.

 

انتهاكات حقوق الإنسان: سجل مرعب
وفقًا لتقارير حقوقية:

تم تسجيل أكثر من 1,400 انتهاك منسوب إلى الزينبيات خلال خمس سنوات.

من بينها 1,181 حالة اعتقال تعسفي، و274 حالة اختفاء قسري، و71 حالة اغتصاب.

كما تم تسجيل 4 حالات انتحار لنساء تعرضن لتعذيب نفسي شديد.

وذكر مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان أن صنعاء وحدها تضم أكثر من 200 مركز احتجاز سري، بعضها في سجون محوّلة، وبعضها في مبانٍ حكومية أو منازل خاصة.
ويتراوح عمر الضحايا بين 14 و60 عامًا، وتشمل الانتهاكات عنفًا جنسيًا مروعًا وتعذيبًا نفسيًا لا يتوقف.

 

الجندر كسلاح
تمثل الزينبيات تحولًا مرعبًا في أدوار النساء أثناء النزاعات: من شخصيات مهمشة إلى أدوات للسلطة الاستبدادية.
باستخدام النساء ضد النساء، اخترق الحوثيون أماكن ظلت سابقًا بمنأى عن رقابة الدولة، وزرعوا القمع في أعمق زوايا الحياة اليمنية الخاصة.
وجود هذه الكتيبة يكشف واقعًا قاتمًا: يمكن للطغيان أن يرتدي أي وجه — حتى وجه امرأة مستضعفة ترتدي الحشمة والفضيلة.
بهدوء وقسوة، تحولت الزينبيات إلى أحد أقسى أجهزة الأمن الداخلي التي شهدها اليمن.
وفي خضم الحرب اليمنية المنقسمة، تقف الزينبيات كتذكرة مرعبة أن الاستبداد لا وجه له محدد — فقد يتجسد حتى في وجوه من يُفترض أنهن ضحاياه.

 

لقراءة المادة من موقعها الاصلي:

https://dailyeurotimes.com/zainabiyyat-the-houthis-veil-of-truth/


التعليقات