شنّ الجيش الإسرائيلي عدة هجمات على مواقع للحوثيين في شمال اليمن، بعد يوم واحد من غارة جوية مثيرة للجدل استهدفت مسؤولين من حماس على الأراضي القطرية.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف، الأربعاء، عدداً من المواقع المرتبطة بالحوثيين، الجماعة المسلحة المدعومة من إيران التي أطلقت صواريخ وطائرات مسيّرة على إسرائيل منذ اندلاع الحرب في غزة قبل نحو عامين.
وأوضح أنيس الأصبحى، المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة للحوثيين، في بيان، أن الهجمات أسفرت عن مقتل تسعة أشخاص على الأقل وإصابة 118 آخرين. ولم يتسنَّ التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إن الضربات جاءت جزئياً رداً على هجوم بطائرة مسيّرة نفذه الحوثيون وأدى إلى إغلاق مطار في جنوب إسرائيل لساعات في وقت سابق من الأسبوع. وأضاف في تصريح مصور: «قصفناهم اليوم مجدداً من الجو — في منشآتهم الإرهابية، وقواعدهم الإرهابية مع عدد كبير من الإرهابيين ومرافق أخرى أيضاً. من يهاجمنا سنصل إليه».
الجماعة الحوثية، التي بدأت كحركة متمردة، تسيطر منذ عقد من الزمن على شمال اليمن بما فيه العاصمة صنعاء. وبعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، الذي أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص، ومع اندلاع الحرب في غزة، بدأ الحوثيون بإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة باتجاه إسرائيل والسفن في البحر الأحمر. وقالت الجماعة إن ذلك تضامناً مع حماس المدعومة أيضاً من إيران، فيما ردت إسرائيل مراراً بقصف أهداف حوثية.
وجاءت هجمات الأربعاء بعد يوم واحد من غارة إسرائيلية استهدفت مسؤولين في حماس بالعاصمة القطرية الدوحة، التي لعبت دور الوسيط بين حماس وإسرائيل. وقد أثارت تلك الغارة انتقادات حادة من دول عربية وغربية.
حكومة نتنياهو باتت أكثر عدوانية من أي وقت مضى في مهاجمة خصومها في المنطقة. فإلى جانب حربها المدمرة في غزة المستمرة منذ نحو عامين، غزت إسرائيل لبنان العام الماضي لمحاربة جماعة حزب الله المدعومة من إيران، التي كانت تطلق صواريخ بانتظام على إسرائيل. كما قصفت إيران لمدة 12 يوماً في يونيو الماضي، ونفذت ضربات وتوغلات برية في سوريا.
وقال الجيش الإسرائيلي إن مقاتلاته استهدفت عدة مناطق في محافظة الجوف شمال اليمن وصنعاء، بما في ذلك معسكرات عسكرية ومكاتب دائرة الإعلام التابعة للجماعة وموقعاً لتخزين الوقود.
وقال محيي الدين الأنسي (42 عاماً)، الذي يسكن بالقرب من مبنى حكومي حوثي استُهدف في صنعاء، إن منزله اهتز بشدة جراء القصف: «تحطمت جميع النوافذ بالكامل. الأرض كانت ترتج من تحتنا».
من جهته، قال مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، إن الجماعة سترد على الضربات الإسرائيلية. وأضاف عبر قناة «المسيرة» التابعة لهم: «العدوان الصهيوني الوحشي على بلدنا فشل».
وقد هدد الحوثيون أيضاً طرق الملاحة في البحر الأحمر الحيوية للتجارة العالمية، وأطلقوا النار على سفن — وأحياناً أغرقوها — ضمن ما وصفوه بأنه محاولة لفرض حصار على إسرائيل، التي تبعد أكثر من ألف ميل شمالاً. وأدى ذلك في كثير من الأحيان إلى اضطرار السفن إلى سلوك طريق أطول عبر إفريقيا بدلاً من المرور عبر البحر الأحمر وقناة السويس، مما عطّل حركة التجارة.
ورداً على ذلك، أرسل الجيش الإسرائيلي مراراً مقاتلات لقصف موانئ ومحطات كهرباء ومواقع أخرى في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، لكن ذلك لم يوقف هجمات الجماعة.
وفي الشهر الماضي، استهدفت ضربة إسرائيلية اجتماعاً لعدد من أعضاء حكومة الحوثيين في اليمن، ما أدى إلى مقتل رئيس وزرائهم أحمد الرهوي وعدد من المسؤولين الآخرين. ورأى مراقبون أن مقتله يشكل تصعيداً في جهود إسرائيل العسكرية لوقف هجمات الحوثيين الصاروخية، رغم أن دوره في الحكومة كان إلى حد كبير رمزياً، إذ تتركز السلطة الحقيقية في يد مؤسس الجماعة، عبد الملك الحوثي.