تحليل: ترامب وأوروبا والمواجهة الحاسمة حول آلية “الاستعادة الفورية” مع إيران
يمن فيوتشر - ترجمة خاصة -The American Conservative: الأحد, 10 أغسطس, 2025 - 05:11 مساءً
تحليل: ترامب وأوروبا والمواجهة الحاسمة حول آلية “الاستعادة الفورية” مع إيران

بينما أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن البرنامج النووي الإيراني قد تم “تدميره” عقب الضربات الإسرائيلية والأمريكية على إيران في يونيو/ حزيران، فإن القدرات النووية لطهران لا يمكن أن تُمحى بهذه السهولة، سواءً بالرغبة أو بالقصف. إذ تتجه الولايات المتحدة وإيران والقوى الأوروبية بسرعة نحو مواجهة حاسمة بشأن آلية “الاستعادة الفورية” لستة قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي حول إيران، والتي تم تعليقها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015. وبينما ستتولى فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة في النهاية قرار تفعيل عودة هذه القرارات، قد يحدد قرارهم ما إذا كانت هناك فرصة لاتفاق جديد لترامب مع إيران، أو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستعود إلى دائرة النزاع في حرب دموية أخرى بالشرق الأوسط.
ويبدو من الوهلة الأولى أن القرار يحمل خسائر لجميع الأطراف. ففي حال لم تُفعّل القوى الأوروبية آلية الاستعادة الفورية، فمن المرجح أن تخسر هي والولايات المتحدة القدرة على إعادة فرض قرارات مجلس الأمن الشاملة على إيران، وهو ما تسعى على الأرجح إلى تجنبه. وتحتوي هذه القرارات، رغم تكرار بعضها مقارنة بالعقوبات الأمريكية الأكثر شدة، على بنود مهمة، من بينها إنذار “صفر التخصيب” الذي عرقل جهود الدبلوماسية لمنع امتلاك إيران سلاحًا نوويًا لسنوات. وإعادة تفعيلها سيمنح شرعية دولية للجهود الإسرائيلية المستمرة والخطيرة الرامية إلى إلغاء الدبلوماسية كخيار عملي، وجعل فصل جديد من الحرب مع إيران أمرًا لا مفر منه.
ورغم أن القوى الأوروبية انحازت تدريجيًا إلى ضغوط الولايات المتحدة وإسرائيل على إيران في السنوات الأخيرة، فإن النظر في أداة الاستعادة الفورية يبدو مرتبطًا أكثر بضمان موقعها في النقاشات المستقبلية، لا بتوجيه الأحداث المتسارعة لخدمة مصالحها المباشرة.
لكن تفعيل آلية “الاستعادة الفورية” من المرجح أن يشكل كارثة لجميع الأطراف تقريبًا، باستثناء ربما المتشددين في طهران والقدس، الذين يستفيدون من تصاعد التوترات بين الغرب وإيران. فقد أعلنت الجمهورية الإسلامية أنها سترد على إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن بالانسحاب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية (NPT)، وهو موقف متكرر عبر إدارات إيرانية متعاقبة، ولا يمكن تجاهله بسهولة.
ومن السهل تصور مدى الصعوبة التي سيواجهها المسؤولون الإيرانيون في الدفاع عن البقاء داخل المعاهدة بعد تفعيل الاستعادة الفورية، خاصة وأن إيران تعرضت لعقوبات متعددة من جهات مختلفة، بل وتعرضت لقصف جوي، رغم تأكيد المخابرات الأمريكية عدم وجود برنامج نووي نشط للأسلحة لديها. وفي المقابل، تنظر إيران إلى إسرائيل كقوة نووية إقليمية غير معلنة، وإلى كوريا الشمالية التي انسحبت من المعاهدة قبل أن تختبر سلاحها النووي بعد سنوات، كنماذج أمنية أكثر جدوى. أما الالتزام بالقانون الدولي، الذي يُطبق بشكل متباين وغير عادل في كثير من الأحيان، فيبدو بالنسبة لها خيارًا خاسرًا، خاصة عندما تكون في موقع تعرض للهجوم الصاروخي.
وبصرف النظر عن صحة هذا التوقع، فإن انسحاب إيران من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية يبدو نتيجة شبه مؤكدة لتفعيل آلية الاستعادة الفورية، ما سيؤدي فورًا إلى حالة طوارئ قصوى في واشنطن. وستتزايد الضغوط على إدارة ترامب لتوجيه ضربة جديدة لإيران، وهذه المرة ربما دون وجود خيار التوجه نحو وقف إطلاق النار كشبكة أمان. وبذلك، قد يجد ترامب نفسه مجددًا محاصرًا في مسار يتعارض مع ما أعلن عن رغبته في تجنبه: حرب أبدية أخرى في الشرق الأوسط.
ولحسن حظ ترامب، أنه يمتلك سجلًا في مواجهة الخيارات الصعبة والبحث عن “مخرج ثالث”. ففي هذا السياق، وبجانب خيار دعم آلية الاستعادة الفورية أو السماح بانتهائها، يبدو أن هناك خيارًا وحيدًا متاحًا: السعي لتمديد مهلة تفعيل الاستعادة الفورية بما يتناسب مع جدول زمني دبلوماسي واقعي. وإذا تمكن الأوروبيون خلال الأسابيع المقبلة من الحصول على تنازلات من إيران، التي تسعى على الأرجح لتجنب عودة قرارات مجلس الأمن مع الحفاظ على ماء وجهها، فسيكون ذلك أفضل بكثير. على سبيل المثال، قد تقوم إيران بخطوات أولية نحو إعادة مراقبة برنامجها النووي من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وحتى في حال عدم تحقق ذلك، يظل تمديد المهلة الخيار الأفضل.
ففي الوضع الراهن، لا يزال البرنامج النووي الإيراني مدمَّرًا جزئيًا على الأقل، ولا توجد معرفة دقيقة بحجم الأضرار أو ما تبقى سليمًا. وكانت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضحية متوقعة للضربات، فيما يراهن قادة إيران على تصاعد الحروب بدلًا من التوصل إلى اتفاق قريب. وفي ظل هذه الظروف، من غير الواقعي توقع أن تضع إيران أحد أوراق قوتها الأساسية — والمتمثلة في مخزون كبير من اليورانيوم المخصب حتى درجة قريبة من مستوى صنع السلاح — تحت المراقبة الدولية مجددًا، فقط لتأجيل عودة عقوبات سبق أن تحملتها لأكثر من عقد من الزمن. وإذا عادت العقوبات، فلا ينبغي لترامب أن يعلق آماله على نجاحها في دفع إيران إلى تقديم تنازلات، إذ قد تدفعها في الواقع إلى مزيد من التشدد.
لهذا السبب، هناك حاجة إلى المزيد من الوقت. إذ يمكن للولايات المتحدة والدول الأوروبية أن تتفق على تمديد قرار مجلس الأمن رقم 2231 وبنود آلية الاستعادة الفورية لسنة أخرى أو أكثر. وسيساعد ذلك على مواءمة إمكانية استخدام هذه الآلية مع مسار دبلوماسي موثوق به، من المتوقع أن يستغرق بعض الوقت ليظهر بوضوح. وبهذه الطريقة، لن تخسر أوروبا أو الولايات المتحدة أداة الاستعادة الفورية، بينما سترسل لإيران إشارة واضحة مفادها أن واشنطن ليست معنية بالعودة إلى الحرب على الفور، ما قد يخلق بيئة أكثر ملاءمة للعودة إلى طاولة المفاوضات.
مع ذلك، لا يمكن توقع أن يأتي هذا الخيار من التيارات المتحالفة مع المحافظين الجدد داخل إدارة ترامب، التي ترى أن الحرب التي أوقفها الرئيس بحكمة كان يجب أن تستمر. وعلى ترامب أن يكون واضحًا: هو لا يريد أزمة نووية إيرانية جديدة على مكتبه في الوقت الحالي، ومن الأفضل تأجيل الأمر وإتاحة مزيد من الوقت، حتى يتسنى له السعي وراء صفقة جديدة عندما يحين الوقت المناسب.

لقراءة المادة من موقعها الاصلي: 

https://www.theamericanconservative.com/trump-europe-and-the-snapback-showdown-with-iran/


التعليقات