تقرير: "نعيش على الخبز والشاي.. لقد تمنيت الموت" لاجئو اليمن المنسيون
يمن فيوتشر - الغارديان- سعيد البطاطي: الخميس, 10 يوليو, 2025 - 06:59 مساءً
تقرير:

أصبح الألم الناتج عن الذهاب إلى النوم جائعة أمرًا مألوفًا بالنسبة لجميلة ربيع. يصعب عليها النوم. تقضي معظم يومها في محاولة الحصول على حصص شحيحة من الخبز، ومعجون الطماطم، والشاي، لكنها تعطيها لأطفالها.

خمسة منهم يعيشون معها في مأوى مصنوع من القماش المشمّع والملابس البالية وقطع الخشب.
مثل كثير من العائلات اللاجئة التي تعيش في هذا المخيم العشوائي شرق مدينة المكلا الساحلية في اليمن، اضطرت جميلة إلى مغادرة منزلها بسبب القصف والقتال.
تقول: «الحياة صعبة للغاية. أحيانًا تدفعنا إلى حافة اليأس».
المكلا تخضع لسيطرة الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية. وعلى الرغم من أن ضربات الطائرات الأمريكية بدون طيار استهدفت المنطقة في السابق، إلا أن المدينة الآن آمنة من الغارات السعودية والإسرائيلية والأمريكية التي تستهدف قوات الحوثيين في شمال البلاد وشرقها.
لطالما كانت المكلا ملاذًا للنازحين، بما في ذلك الفارين من الصراع في الصومال عبر خليج عدن، والآن لعدد من النازحين اليمنيين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.
وبعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية، وبتورط جيران مدججين بالسلاح وحلفائهم، تفاقم الفقر والجوع بشكل حاد في اليمن بالتزامن مع بدء تقلص المساعدات الإنسانية.
عائلات كثيرة مثل عائلة ربيع تعيش الآن على الخبز والماء في الغالب، وأحيانًا على الأرز والبصل. وبعض من قابلتهم صحيفة الغارديان في هذا المخيم، وهو واحد من عدة مخيمات حول المدينة، اعترفوا صراحة بأنهم فكروا في الانتحار لأنهم عاجزون عن إطعام أطفالهم.
تقول ربيع: «نصبر من أجل أطفالنا، لأنه بدوننا لن يهتم بهم أحد. أحيانًا أنام جائعة فقط ليأكل أطفالي. الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ»، وهي جالسة محاطة بأطفالها وبنات إخوتها.
تقول منظمات الإغاثة الدولية العاملة في اليمن إن قرابة نصف السكان – أكثر من 17 مليون شخص – يعانون من سوء تغذية حاد. ووفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، فإن نسبة من يعانون من حرمان غذائي شديد ارتفعت من 21% في مارس 2024 إلى 33% في مارس 2025.
وفي بيان مشترك صدر الشهر الماضي، قالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة اليونيسف إن نحو 4.95 مليون شخص في جنوب اليمن يعانون من «انعدام أمن غذائي بمستوى الأزمة» أو أسوأ.
ويقول برنامج الأغذية العالمي إن الطلب على المساعدات في اليمن تجاوز التمويل المتاح، وإن الجهود الإنسانية تعاني من نقص حاد في التمويل، حيث لم يُوفر حتى الآن سوى ربع المبلغ المطلوب لتشغيل البرنامج في 2025.

«لم نعد قادرين على شراء وجبات مناسبة. نحن الكبار يمكننا تحمل الجوع، لكن أطفالنا لا يستطيعون»
– جميلة ربيع


يقول متحدث باسم برنامج الأغذية العالمي: «نتيجة لذلك، اضطررنا إلى تقليص حجم الحصص الغذائية، مع إعطاء الأولوية للفئات الأكثر ضعفًا في المناطق الأشد انعدامًا للأمن الغذائي. وبدون تمويل جديد عاجل، يواجه الملايين خطر فقدان المساعدات خلال الأشهر المقبلة».
جميلة وابنتها تجمعان الحطب لبيعه، بينما يعمل زوجها وابنها في جمع الزجاجات البلاستيكية والخردة المعدنية. يجمعون معًا حوالي 5000 ريال يمني في اليوم – أقل من دولارين حسب سعر الصرف الحالي.
تقول: «بهذا المبلغ نشتري كيلوجرامًا من الطحين، وقليلًا من الأرز، وعلبة معجون طماطم، وبعض الزيت – بالكاد نتمكن من إعداد وجبة بسيطة. إذا حالفنا الحظ، قد نشتري سمكة رخيصة صغيرة».
وتضيف: «في السابق، كان برنامج الأغذية العالمي يزودنا بسلال غذائية شهرية، وكانت تكفينا طوال الشهر، وكنا نستخدم ما نكسبه القليل لشراء اللحم. أما الآن، فتوقفت تلك المساعدات، ولم نعد قادرين على تناول وجبات مناسبة. نحن الكبار نصبر على الجوع، لكن أطفالنا لا يتحملون. لم نعد نقدر حتى على شراء الفول – العلبة الواحدة تكلف 1000 ريال. لذلك، نتعشى بالخبز والأرز المطبوخ مع معجون الطماطم والبصل».
وتقول منظمات الإغاثة إن تفاقم أزمة الغذاء في جنوب اليمن يُعزى بالدرجة الأولى إلى الحرب التي تصاعدت مجددًا بعد هدنة 2022، وتُسهم الغارات المستمرة في جعلها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، إلى جانب الانهيار الاقتصادي وتدهور سعر صرف الريال والظروف الجوية القاسية.
ما تزال جماعة الحوثيين المدعومة من إيران تسيطر على المناطق الأكثر كثافة سكانية في شمال اليمن وغربه، بما في ذلك العاصمة صنعاء، بينما يدير مجلس القيادة الرئاسي المعترف به دوليًا – والمدعوم من دول الخليج والحكومات الغربية – المحافظات الجنوبية والشرقية من مقره في عدن.
صالح يحيى، أب لـ7 أبناء، يعيش في نفس المخيم الذي تعيش فيه عائلة ربيع، ويقول إن الوضع بات لا يُطاق. وبحسب قوله، فقد توقفت مساعدات برنامج الأغذية العالمي منذ عامين. ومنذ ذلك الحين، بدأت العائلات تتلقى تحويلات نقدية بسيطة، يُفترض أن تكون شهرية لكنها لا تصل إلا كل ثلاثة أشهر تقريبًا. ويعمل ثلاثة من أبنائه في أعمال يومية، بينما يجمع يحيى العلب البلاستيكية والمعدنية لبيعها لتجار الخردة.
يقول: «الناس جائعون. بالكاد نحصل على ما يسد الرمق. أطفالي يعانون من سوء التغذية لأننا لا نملك ما يكفي لشراء اللحم أو الدجاج أو السمك».
ووفقًا لمنظمة اليونيسف، فإن نصف الأطفال دون سن الخامسة في اليمن يعانون من سوء التغذية.
ياسين الخلَيدي، معلم مدرسة في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة المجلس الرئاسي، يقول إن راتبه الشهري البالغ 80 ألف ريال – حين يصرف – بالكاد يكفي لأسبوع من الأساسيات. ويضيف: «نعيش على الخبز والشاي معظم الأيام. أحيانًا أتخطى وجبة، أو أتوقف عن الأكل في منتصف الوجبة حتى يكون لأطفالي ما يكفي».
ويتابع: «في لحظات كثيرة تمنيت الموت من شدة اليأس. بعض زملائي طلقوا زوجاتهم أو هجروا منازلهم لأنهم لم يعودوا قادرين على إعالة أسرهم».
ياسين، وهو أب لأربعة، يعيل أيضًا والديه المسنين. وبعد شهرين بدون راتب، طلب من زوجته الانتقال للعيش مع أسرتها، بينما بقي هو في غرفة مؤقتة كانت في الأصل محلًا تجاريًا، ليتجنب دفع الإيجار.
يعاني أيضًا من مشاكل في المرارة والكلى والقولون، يعتقد أنها ناتجة عن عيشه لوقت طويل على الخبز والماء فقط.
يقول: «نحن نعيش في بؤس... نناضل يوميًا للحصول على الطعام، والماء النظيف، وغاز الطهي، واحتياجات المدرسة، والرعاية الصحية. ما يُبقينا واقفين على أقدامنا هو إيماننا بالله فقط».

لقراءة التقرير من موقعه الاصلي:

https://www.theguardian.com/global-development/2025/jul/10/yemen-refugee-families-war-poverty-hunger-aid-cut-millions-camps


التعليقات