في 6 مايو/ آيار 2025، أعلن الرئيس الأميركي (دونالد ترامب) بشكلٍ مفاجئ أن الولايات المتحدة ستتوقف عن استهداف معاقل الحوثيين في اليمن، وذلك بعد أن وافق الحوثيون على وقف القتال. وقال: "لقد استسلموا، لكن الأهم من ذلك أننا سنأخذ كلامهم على محمل الجد. يقولون إنهم لن يفجّروا السفن بعد الآن".
وبعد ساعات من هذا الإعلان، نشر وزير الخارجية العُماني السيد (بدر البوسعيدي) عبر منصة "إكس" أن الاتفاق بين الولايات المتحدة والحوثيين تم بوساطة سلطنة عُمان، وأضاف: "في المستقبل، لن يستهدف أي طرف الطرف الآخر، بما في ذلك السفن الأميركية، في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مما يضمن حرية الملاحة وانسياب حركة الشحن التجاري الدولي بسلاسة".
و من جهتهم، رفض الحوثيون الادعاء الأميركي بأنهم "استسلموا"، واعتبروا ذلك كذبة، مؤكدين أن الاتفاق جاء بطلب من الولايات المتحدة بعد أن "فشلت هجماتها عليهم بالكامل". ووصفت القيادات الحوثية الاتفاق بأنه "نصر مدوٍ" لصالحهم، مشددين على أن نجاحه مرهون بالتزام الولايات المتحدة به، كما أكدوا أن هجماتهم ضد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر ستستمر دون أي تغيير.
و أثارت الأنباء حول اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين موجة من الانتقادات الواسعة في السعودية. فقد ندّدت مقالات في الصحافة السعودية الرسمية بهذا الاتفاق، معتبرةً أنه يُبقي على القدرات العسكرية للحوثيين، مما يُعرض المنطقة للخطر ويترك اليمن وشعبه أمام مستقبلٍ غامض.
واعتبر أحد الكتّاب أن هذا الاتفاق "العبثي" يُجسّد تجاهلاً لحياة ثلاثين مليون يمني تُركوا لمصيرهم، كما يعكس لا مبالاة "مخزية" من المجتمع الدولي الذي يُقدّم المصالح التجارية على حساب الأرواح البشرية.
وفي تعليقٍ آخر، وجّه كاتب سعودي انتقاداً حاداً للحوثيين، مؤكداً أنهم، كغيرهم من أطراف محور المقاومة، اختاروا خوض محادثاتٍ سريّة مع الولايات المتحدة والتصالح معها، على الرغم من شعاراتهم المعلنة بشأن تحرير القدس وفلسطين ودعم المستضعفين.
فيما يلي مقتطفات مترجمة من هذه المقالات:
• صحفي سعودي: اتفاق وقف إطلاق النار "العبثي" هذا يتجاهل أرواح اليمنيين
كتب الصحفي (حمود طالب) في صحيفة عكاظ السعودية بتاريخ 8 مايو/ آيار ما يلي:
"من أكثر الأمور عبثيةً التي حدثت مؤخراً هو الاتفاق بين الولايات المتحدة والحوثيين، والذي ينصّ على أن الحوثيين سيتوقفون عن استهداف السفن وتهديد الممرات البحرية الحيوية، مقابل أن توقف أميركا غاراتها الجوية المكثفة على منشآت الحوثيين العسكرية ومستودعات أسلحتهم ومقراتهم، وهي غارات استمرت لفترة طويلة وأسفرت عن دمار واسع في أنحاء مختلفة من اليمن.
و قد أعلن الحوثيون ببساطة أنهم لم يعودوا قادرين على تحمّل الضربات، أما الأميركيون، من جهتهم، فلم يأبهوا إلا لأمن سفنهم وخطوط الملاحة، وكأنهم يقولون: ”ليذهب اليمنيون إلى الجحيم، ومعهم تبعات حكم الحوثي وأفعاله“، تلك الأفعال التي شكّلت على مدى أكثر من عقد من الزمان قمة التخلّف السياسي والأيديولوجي والإنساني.
إنه لأمرٍ مخزٍ أن يقف العالم الحديث، بمنظماته وقوانينه التي يُفترض أنها إنسانية، أمام مأساة كاملة يعيشها نحو 30 مليون إنسان –هم شعب اليمن– دون أن يحرّك ساكناً، مكتفياً بحماية اقتصاده وتجارته".
• رئيس تحرير صحيفة سعودية: الولايات المتحدة تُبقي على قوة الحوثيين على حساب أمن المنطقة
كتب (خالد بن حمد المالك)، رئيس تحرير صحيفة الجزيرة السعودية، أن الولايات المتحدة تمارس لعبة سياسية في المنطقة تراعي فيها مصالحها فقط، ويبدو أنها وافقت ضمنياً على إبقاء الحوثيين محتفظين بقوتهم العسكرية، حتى وإن جاء ذلك على حساب أمن المنطقة ومستقبل اليمن:
"رغم كثافة الهجمات الأميركية المتواصلة ضد الحوثيين، ورغم ما تدّعيه واشنطن من أنها استهدفت مخازن أسلحتهم، ومصانع الصواريخ والطائرات المُسيّرة، ومنصات الإطلاق، وأوكار القادة، إلا أننا لا نرى أن هذه الهجمات قد أحدثت أثراً كبيراً أو حاسماً في تحجيم قوة الحوثيين، استناداً إلى قلة البيانات الصادرة من الجانبين، الأميركي والحوثي.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار عدد الغارات الأميركية وتكرارها اليومي، وحقيقة أن أكثر من شهر مرّ بين بدء هذه الهجمات وإعلان ترامب عن الاتفاق الذي تم بوساطة عُمانية، إلى جانب استمرار الحوثيين قبل الاتفاق في إطلاق الصواريخ والطائرات المُسيّرة على السفن في البحر الأحمر وعلى إسرائيل، فإننا ندرك أن الهجمات الأميركية على مواقع منتقاة للحوثيين في أكثر من مدينة وأكثر من موقع لم تكن ذات أثر كبير أو حاسم، ولم تُنهِ قوتهم.
وعليه، فإن الاتفاق جاء -في حقيقة الأمر- ليساعد الحوثيين على الحفاظ على قدراتهم القتالية. و ربما لا تنوي الولايات المتحدة القضاء التام على الحوثيين، بل تسعى فقط إلى تحييد قدرتهم على إطلاق الطائرات المُسيّرة باتجاه السفن التجارية في البحر الأحمر، وفي ممرات الملاحة الدولية، والسفن المتجهة إلى إسرائيل، وذلك لمنعهم من الإضرار بالتجارة العالمية. بمعنى آخر، لا تمانع واشنطن في أن يحتفظ الحوثيون بسيطرتهم على شمال اليمن، طالما أن الملاحة في البحر الأحمر لا تتأثر. وهذا هو جوهر الاتفاق: ألا تتعرض الملاحة للهجمات، وأن يلتزم الحوثيون بذلك.
وإذا صحّ هذا الاستنتاج، فإن السياسة الأميركية في المنطقة تقبل –على ما يبدو– بوجود الحوثيين كقوة عسكرية، ما دامت الملاحة في البحر الأحمر غير مهددة، حتى لو كان ذلك على حساب استقرار المنطقة وترك اليمن لمستقبل مجهول. فللولايات المتحدة مقارباتها الخاصة في التعامل مع القضايا المعقدة في المنطقة، وهي أحياناً تُفضّل عدم حلّها بشكل يُنهي التوتر تماماً.
لذا نحن أمام لعبة سياسية تمارسها واشنطن، تارةً بالتهديد، وتارةً بالدعوة إلى الحوار، ومؤخراً عبر هذا الاتفاق الذي تم التوصّل إليه مع الحوثيين بطرق سلمية. لكن يبقى السؤال المطروح: ما الذي تخطّط له واشنطن؟ وماذا سيحدث بعد هذا الاتفاق؟"
• محلل سعودي: الحوثيون ومحور المقاومة يجرون محادثات مصالحة مع أميركا ويتناسون فلسطين
وجّه المحلل السعودي واللواء المتقاعد (عبدالله غانم القحطاني)، عبر حسابه في منصة "إكس"، انتقاداً لاذعاً للحوثيين وكامل محور المقاومة، متهماً إياهم بالسعي للمصالحة مع الولايات المتحدة، متناسين شعاراتهم حول تحرير فلسطين. وكتب:
"أين هو محور المقاومة اليوم؟ وأين هو تحرير فلسطين؟ وما هي نتائج هجوم السابع من أكتوبر المشؤوم والفاشل، الذي استغلته كل من إسرائيل وإيران على حساب القضية الفلسطينية والأمن القومي العربي؟
غزة تحتضر، بينما الحوثيون وإيران وحزب الله وحماس يجرون اتصالاتٍ سريّة مع الولايات المتحدة بغرض المصالحة، ولا أثر لوعودهم بشأن القدس وتحرير فلسطين ونصرة المستضعفين!
أعظم إنجازات الحوثيين اليوم هي تدمير وتعطيل مطار صنعاء الدولي، من خلال استدعاء هجوم إسرائيلي وأميركي عليه، وتدمير ميناء الحديدة..."
الرابط ادناه لقراءة المادة من موقعها الأصلي: