ستُوقف الولايات المتحدة حملتها الجوية ضد الحوثيين في اليمن، بعد أن وافقت الجماعة المتحالفة مع إيران على التوقف عن استهداف حركة الملاحة في البحر الأحمر.
وأُعلن عن وقف الضربات الجوية من قبل الرئيس الأميركي (دونالد ترامب) خلال اجتماع في المكتب البيضاوي مع رئيس الوزراء الكندي (مارك كارني)، وذلك في يوم شهد فيه تصعيدًا إقليميًا، إذ أعلنت إسرائيل أن مقاتلاتها دمّرت بالكامل مطار صنعاء الرئيسي، بما في ذلك ثلاث طائراتٍ مدنية كانت على المدرج، ردًا على ضربة صاروخية يوم الأحد استهدفت محيط مطار بن غوريون في تل أبيب.
وقال ترامب: "أعلن الحوثيون أنهم لا يرغبون في القتال بعد الآن، إنهم لا يريدون القتال وحسب. ونحن سنحترم ذلك، وسنتوقف عن القصف. لقد استسلموا".
وأضاف أنه لم يتم التوصل إلى اتفاقٍ رسمي، نافياً أن يكون قد أبرم صفقة مع الجماعة، واكتفى بتقديم تفاصيل محدودة حول التفاهم.
وتابع قائلاً: "علمنا بذلك للتو، وأعتقد أن هذه خطوة إيجابية جدًا جدًا، وسأقبل بكلمتهم، وسنوقف القصف فورًا".
وأكدت سلطنة عُمان، التي تتولى وساطة الاتصالات بين الولايات المتحدة والحوثيين، التوصل إلى الاتفاق، مشيرة إلى أنه يضمن "حرية الملاحة" في البحر الأحمر.
وقال وزير الخارجية العُماني (بدر البوسعيدي)، إن "الاتصالات والمناقشات الأخيرة التي جرت بهدف خفض التصعيد، أفضت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين".
وأضاف في بيان نُشر عبر الإنترنت: "لن يستهدف أي طرف الطرف الآخر، بما يضمن حرية الملاحة وسلاسة تدفّق حركة الشحن التجاري الدولي في البحر الأحمر".
و لم يصدر تعليق رسمي من جانب الحوثيين، إلا أن رئيس المجلس السياسي الأعلى للجماعة (مهدي المشاط)، أعلن أن الهجمات ضد إسرائيل ستستمر.
وقال المشاط في بيان: "ردنا سيتجاوز ما يمكن للعدو الإسرائيلي تحمّله".
ويأتي الاتفاق مع الولايات المتحدة بعد تصعيدٍ حاد في الغارات الجوية على اليمن في الآونة الأخيرة، بمشاركة القوات البريطانية الأسبوع الماضي، وقد أسفرت بعض تلك الضربات عن سقوط ضحايا مدنيين بالإضافة إلى مقاتلين من الحوثيين.
وكان الحوثيون قد بدأوا باستهداف إسرائيل وحركة الملاحة في البحر الأحمر منذ أن أطلقت إسرائيل عمليتها العسكرية ضد حركة حماس في غزة، عقب الهجوم الدموي الذي نفذته الحركة على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وقد أطلقت إدارة ترامب عمليتها العسكرية في منتصف مارس/ آذار، مكثفة بشكلٍ كبير عدد الغارات الجوية على اليمن بعد حملة متقطعة من الضربات.
ووفقًا للجيش الأميركي، فقد "استهدفت العملية أكثر من ألف موقع" في اليمن، مع تأكيده مقتل عدد من مقاتلي الحوثيين وقادتهم، "بمن فيهم مسؤولون بارزون في مجال الصواريخ والطائرات المُسيّرة"، إضافة إلى تقويض قدرات الجماعة العسكرية.
و سُجّل عدد من الوفيات في صفوف المدنيين، من بينها حادثة الأسبوع الماضي حين أفاد مسؤولون محليون بأن الولايات المتحدة استهدفت مركز احتجاز لمهاجرين أفارقة في محافظة صعدة، ما أسفر -بحسب التقارير- عن مقتل ما لا يقل عن 68 شخصًا.
كما أسفرت غارة جوية على ميناء رأس عيسى النفطي في 18 أبريل/ نيسان عن مقتل ما لا يقل عن 80 شخصًا وإصابة 150 آخرين.
وتُصر إدارة ترامب على أن تلك الضربات تأتي في إطار "الدفاع عن النفس"، ردًا على هجمات الحوثيين التي استهدفت سفنًا تجارية وعسكرية أمريكية، نافية في الوقت ذاته حاجة الحملة العسكرية المستمرة منذ ستة أسابيع للحصول على تفويض من الكونغرس.
وقد تسببت الهجمات الحوثية في منع مرور السفن عبر قناة السويس، الممر الحيوي الذي يمر عبره نحو 12% من حركة التجارة العالمية.
وتشهد التوترات بين الحوثيين وإسرائيل -التي أعلنت الجماعة أنها بدأت مهاجمتها- تصاعدًا منذ اندلاع الحرب في غزة، وبلغت ذروتها بعد سقوط صاروخ حوثي قرب مطار بن غوريون الإسرائيلي يوم الأحد، ما دفع إسرائيل إلى شن غارات جوية على ميناء الحديدة اليمني يوم الاثنين، ومطار صنعاء يوم الثلاثاء.
وفي هذا السياق، صرّح المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن (هانس غروندبرغ)، بأن الضربات المتبادلة بين الطرفين تمثل "تصعيدًا خطيرًا في سياق إقليمي هشّ ومتقلب أصلًا".
و زعم الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء أن ضربته الجوية على المطار الرئيسي في اليمن قد أدّت إلى تعطيله بشكلٍ كامل.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان: "نُفذت الضربة ردًا على الهجوم الذي شنّه نظام الحوثيين الإرهابي على مطار بن غوريون".
وأضاف البيان أن "الضربة استهدفت مدارج الطيران والطائرات والبنية التحتية في المطار".
من جانبه، صرّح مسؤول يمني بأن المطار "تعرض للتدمير الكامل" جراء الغارات، وقال: "ثلاث طائرات من أصل سبع تابعة لشركة الخطوط الجوية اليمنية تم تدميرها في مطار صنعاء، كما تم تدمير المطار الدولي في صنعاء بشكلٍ كامل".
أما وزير الدفاع الإسرائيلي (يؤاف غالانت)، فقد اعتبر أن الضربة تشكّل تحذيرًا موجّهًا إلى "رأس الأخطبوط الإيراني"، الذي قال إنه يتحمل مسؤولية مباشرة عن هجمات الحوثيين ضد إسرائيل.
وذكرت قناة المَسيرة التابعة للحوثيين أن الغارات الجوية على المطار، بالإضافة إلى مصنع للأسمنت ومحطة كهرباء حزيز، أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 38 آخرين.