طوفان الأقصى: موجة من الدعم الشرق أوسطي للفلسطينيين مع اندلاع الحرب في غزة
يمن فيوتشر - ذا نيويورك تايمس- ترجمة: ناهد عبدالعليم الثلاثاء, 10 أكتوبر, 2023 - 12:46 صباحاً
طوفان الأقصى: موجة من الدعم الشرق أوسطي للفلسطينيين مع اندلاع الحرب في غزة

[ نيويورك تايمز ]

عندما أعلنت الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب عن إقامة علاقاتٍ مع إسرائيل في عام 2020، قال المسؤولون الإماراتيون أن الصفقات كانت رمزيات للسلام والتسامح، بينما أعلن الرئيس (دونالد ترامب) "فجر شرق أوسط جديد".
 ومع ذلك، بدت هذه الكلمات جوفاء بالنسبة للكثيرين في المنطقة. وحتى في البلدان التي وقعت على الاتفاقيات، التي تحمل اسم اتفاقيات (أبراهام)، و بقى الدعم للفلسطينيين - والعداء تجاه إسرائيل بسبب احتلالها المستمر لعقود من الزمن لأراضيهم، لا سيما مع قيام الحكومة الإسرائيلية بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية الفلسطينية حتى بعد الاتفاقيات. 
 في يوم السبت، عندما اقتحم مسلحون فلسطينيون من قطاع غزة المحاصر إسرائيل، ونفذوا الهجوم الأكثر جُرأة في البلاد منذ عقود، أدى ذلك إلى تدفق الدعم للفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة. وفي بعض الأوساط، كانت هناك احتفالات - حتى مع مقتل مئات الإسرائيليين والفلسطينيين وتهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) بـ "حرب طويلة وصعبة" مقبلة.
وقال (عبد المجيد عبد الله حسن 70 عاماً) الذي انضم إلى مسيرة مع مئات الأشخاص في جزيرة مملكة البحرين: "هذه هي المرة الأولى التي نفرح فيها بهذه الطريقة لإخواننا الفلسطينيين. وفي سياق الاحتلال والحصار الإسرائيلي، فإن عملية حماس أثلجت قلوبنا”، كما قال، واصفاً اتفاق حكومته للاعتراف بإسرائيل بـ”المخزي”.
وقد خرجت مظاهراتٌ تضامنية مع الفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك في البحرين والمغرب وتركيا واليمن وتونس والكويت. وفي لبنان، ألقى (هاشم صفي الدين) -رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله المدعومة من إيران- خِطاباً نارياً أشاد فيه بـ”عصر المقاومة المسلحة”. وفي مدينة الإسكندرية الساحلية بمصر، قام شرطي بإطلاق النار على سياح إسرائيليين، مما أسفر عن مقتل إسرائيليين ومصري.
التموجات المُنتشرة من غزة تؤكد ما يقوله العديد من المسؤولين والعُلماء والمواطنين في المنطقة منذ سنوات: القضية الفلسطينية لا تزال صرخة حاشدة محسوسة بعمق تحدد معالم الشرق الأوسط، وموقف إسرائيل في المنطقة سيظل غير مستقر طالما أن صراعها مع الفلسطينيين مستمر.
ويقول العديد من المُحللين الإقليميين بأن اتفاقيات "التطبيع" الدبلوماسية بين إسرائيل والحكومات العربية - حتى مع المملكة العربية السعودية -حيث كان المسؤولون الأمريكيون يضغطون مؤخراً من أجل التطبيع- لن تفعل الكثير لتغيير ذلك.
 وقال (بدر السيف) -الأستاذ في جامعة الكويت- إن "الحرب الحالية هي تذكيرٌ صارخ بأن السلام الدائم والازدهار في المنطقة لن يكون ممكناً إلا بعد حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. و لا يمكن لأي قدر من الأحمال الثقيلة أو الألعاب البهلوانية في التعامل مع إسرائيل في ملفاتٍ أخرى أن يتجاهل أو يمحو هذه الحقيقة البسيطة”.
ولطالما أصرت العديد من الدول العربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، على أن ثمن الاعتراف بإسرائيل يجب أن يكون إنشاء دولة فلسطينية.  لكن على مدى العقد الماضي، تغيرت تلك الحسابات، حيث يزن القادة الاستبداديون الرأي العام السلبي تجاه العلاقة مع إسرائيل مقابل الفوائد الاقتصادية والأمنية التي يمكن أن تقدمها وما قد يتمكنون من الحصول عليه من الولايات المتحدة في المقابل.
 وتضغط إدارة (بايدن) من أجل التوصل إلى اتفاقٍ من شأنه إقامة علاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية مقابل تنازلاتٍ كبيرة للمملكة. وطالب المسؤولون السعوديون بضماناتٍ أمنية أمريكية ودعم لبرنامج نووي مدني.
وفي الشهر الماضي، أدلى ولي العهد السعودي (الأمير محمد بن سلمان) بأول إشارة علنية له إلى المفاوضات، قائلاً في مقابلة مع شبكة (فوكس نيوز) إن المحادثات تبدو "حقيقية" لأول مرة. وفي أوائل تشرين الأول/أكتوبر، بدأت صحف المملكة -التي تعمل في ظل حرية صحافة محدودة - في نشر سلسلة من الأعمدة التي كانت تدعم التطبيع بشكل خفي أو علني.
 وبالتالي شكل اندلاع أعمال العنف يوم السبت تحدياً كبيراً لتلك الجهود.
كما أبدت تعليقات أدلى بها العاهل الأردني (الملك عبد الله الثاني) في مؤتمر عُقد في نيويورك الشهر الماضي: "هذا الاعتقاد السائد لدى البعض في المنطقة بأنه يمكنك الهبوط بالمظلة فوق فلسطين لا يجدي نفعاً". 
 وفي الواقع، يشتكي بعض المسؤولين والعُلماء العرب من أن تحذيراتهم بشأن صفقات التطبيع التي لا تعالج بإخلاص الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم تلق آذاناً مصغية.
إن مشاهدة الأحداث في غزة تبدو كأن نسمع العرب يقولون للرئيس الأميركي: «قلنا لكم ذلك».
و كتب (خالد الدخيل) -وهو أكاديمي سعودي بارز- على منصة التواصل الاجتماعي X: "تجاهل الصواب في إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية".  وأضاف أن القضية الفلسطينية تخلق فخاً للمنطقة وتهدد السلام.
 ويقول المسؤولون الأميركيون أن التطبيع خطوة أساسية نحو شرق أوسط أكثر تكاملاً، مع انعكاسات إيجابية على الأمن الإقليمي والمصالح الدفاعية الأميركية.
و قال وزير الخارجية (أنتوني بلينكن) في برنامج “وجه الأمة” على شبكة سي بي إس يوم الأحد: “هناك بالفعل طريقان أمام المنطقة. طريق لمزيد من التكامل، ومزيد من الاستقرار، بما في ذلك- و بشكل حاسم- التأكد من أن الإسرائيليين والفلسطينيين يحلون خلافاتهم، أو طريق الإرهاب الذي تمارسه حماس، والذي لم يحسن حياة شخص واحد”.
 وأضاف: “لقد قلنا منذ اليوم الأول أنه حتى ونحن نعمل على التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، فإن ذلك لا يمكن أن يكون بديلاً لحل الخلافات بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
لكن الكثيرين في المنطقة يقولون إن التطبيع يبدو وكأنه خيانة: فهو انتصار للحكومة ونخب رجال الأعمال على إرادة شعوبهم.
 وقالت (ريم معراج 34 عاماً) التي شاركت في ندوة يوم السبت في البحرين التي تناولت نتائج اتفاقات أبراهام بعد ثلاثِ سنوات، "إن القضية الفلسطينية هي شيء نشأنا عليه كأطفال، وأصبحت بوصلة لإظهار ما هو حق وعدل”.
 وقالت: «لو كان لي الخيار لمسحت هذه الاتفاقية من تاريخ بلادي».
 وتُظهر استطلاعات الرأي أنه حتى في الدول العربية التي لها علاقات مع إسرائيل، فإن غالبية المواطنين ينظرون إلى اتفاقيات أبراهام بشكلٍ سلبي.
وقال (حسن بن ناجح) أحد منظمي الاحتجاجات في المغرب: “إننا نقف بشكل كامل مع حقوق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه”.  وأضاف: "نحن نطالب بوقف التطبيع لأنه لا يعكس أو يعبر عن رأي المغاربة".
 وأصدرت وزارة الخارجية القطرية بياناً قالت فيه إنها تُحمِّل إسرائيل “المسؤولية الوحيدة عن التصعيد المستمر بسبب انتهاكاتها المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني”.
 وقد رحبت الحكومة الإيرانية، التي انخرطت لسنوات في حرب ظل مع إسرائيل ودعمت حماس، بهجوم الجماعة على إسرائيل يوم السبت.
وقال (أحمد أبو زيد) -المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية- عبر التلفزيون المحلي الليلة الماضية "إن بلاده تحذر منذ أشهر من خطورة الممارسات الاستفزازية من قبل إسرائيل."
 وقال (السيد السيف) الأستاذ الكويتي: "لقد كان الاحتلال المستمر وتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم ​​ظاهراً للعيان طوال عقود، وقد شكل الطريقة التي ينظر بها العرب إلى الصراع. لذا تعد فلسطين هي أولوية الشارع العربي".
 ومع ذلك، توقع (عبد الخالق عبد الله) -أستاذ العلوم السياسية الإماراتي- أنه من المرجح أن تمضي الصفقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل قدماً.
و قال: "و سأراهن بأموالي على ذلك. إذا جاء السعر المُناسب من الأمريكيين، فأعتقد أن السعوديين يضعون مصلحتهم الوطنية كأولوية أولى".
 وقال إن العنف في إسرائيل “قد يعرقل الأمور لبعض الوقت، لكنه لن يعكس الرغبة في التطبيع مع إسرائيل ووقف التصعيد”.
 وصباح الأحد، وصلت إشارة أخرى في إحدى الصحف السعودية الكبرى، الشرق الأوسط.  وفي عمود بها، انتقد (طارق الحميد) رئيس التحرير السابق للصحيفة، حماس والفصائل الفلسطينية لشنها ما أسماه "حرب عديمة الفائدة".
واتهمهم بمحاولة تخريب احتمالات التطبيع السعودي الإسرائيلي، وخدمة داعميهم الإيرانيين على حساب الشعب الفلسطيني.
وكتب: “إيران لا تريد رؤية سلام حقيقي، أو على وجه التحديد السلام السعودي الإسرائيلي. لأنه إذا حدث فإن هذا السلام هو الذي سيغير وجه المنطقة”.


التعليقات