في مشهد بروتوكولي استثنائي، استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في البيت الأبيض بعرض مدفعي وجوي، قبل انتقالهما إلى مؤتمر صحفي مشترك بدا كأنه إعادة تثبيت لمسار الشراكة بين البلدين.
وأكد ترامب أن العلاقات الأميركية السعودية "في أفضل حالاتها"، واصفًا ولي العهد بـ"الصديق القديم" والشريك الموثوق.
وأعلن الرئيس الأميركي بلهجة حاسمة أن الولايات المتحدة ستبيع السعودية مقاتلات F-35، معتبرًا أن "عملية البيع ستتم" رغم التحفظات السابقة داخل بعض المؤسسات الأميركية.
ويمثل الإعلان تحولًا لافتًا في السياسة الدفاعية تجاه الرياض بعد جولات مكثفة من المشاورات بين وفود البلدين لإعادة بناء الشراكة الأمنية على قاعدة أوسع تشمل الدفاع والاستخبارات والصناعات العسكرية.
ومن جانبه، قال ولي العهد السعودي إن الرياض سترفع حجم استثماراتها داخل الولايات المتحدة إلى تريليون دولار، بعد إعلان سابق عن 600 مليار دولار، مؤكدًا أن هذا التوجه يستهدف "تعميق الترابط الاقتصادي" عبر مشاريع استراتيجية في الطاقة والتقنيات المتقدمة والبنية التحتية.
وأكد ولي العهد أن المملكة "ستبذل قصارى جهدها للتوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران"، لافتًا أن طهران "تريد إبرام صفقة"، في إشارة إلى حراك دبلوماسي موازٍ لتهدئة الملفات الإقليمية الحساسة.
وخلال المؤتمر، طرح صحفيون أسئلة حول مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018، ما حدا بترمب إلى التدخل فورًا، "لا نريد إحراج ضيفنا"، مؤكدًا أن العلاقات بين البلدين "أكبر من أي حادثة واحدة"، قبل أن يصف ولي العهد ما جرى بـ"الحادث المؤلم" و"الخطأ الكبير"، موضحًا أن المملكة اتخذت إجراءات لمنع تكرار مثل تلك الأخطاء.
كما سُئل محمد بن سلمان عن الاتهامات التي طالت السعودية عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، ما ضمّن رده إن أسامة بن لادن "سعى إلى الإضرار بالعلاقات بين السعودية والولايات المتحدة"، مضيفًا أن الشعب السعودي "كان من أوائل ضحايا الإرهاب"، وأن المملكة تعاونت بشكل وثيق مع واشنطن في مكافحة القاعدة والتنظيمات المتطرفة.
ويرى مراقبون أن المؤتمر يشير إلى رغبة معلنة لدى الزعيمين في فتح فصل جديد من التعاون الاستراتيجي قوامه الاقتصاد والدفاع والاستثمار، فيما تظل قضايا حقوق الإنسان والدور الإقليمي للمملكة عالقة، رغم الاستعراض السياسي الواسع الذي أظهره الطرفان.