اقتصاد: قنابل ترمب على إيران تؤهب سوق النفط لقفزة في الأسعار
يمن فيوتشر - بلومبرغ: الأحد, 22 يونيو, 2025 - 03:02 مساءً
اقتصاد: قنابل ترمب على إيران تؤهب سوق النفط لقفزة في الأسعار

ترقبت سوق النفط على مدى أيام خطوة الرئيس دونالد ترمب التالية بشأن الصراع المتفاقم في الشرق الأوسط. والآن بعدما ضربت الطائرات الأميركية ثلاثة مواقع نووية رئيسية في إيران، يستعد المتعاملون بالسوق لقفزة في الأسعار، مع استمرار التكهن بالمدى الذي ستصل إليه الأزمة.

في أسبوع شهد تقلبات حادة، قفزت العقود المستقبلية لخام برنت 11% منذ أن هاجمت إسرائيل إيران، لكن التحركات تباينت بشكل حاد صعوداً وهبوطاً بين يوم وآخر. ومن المتوقع أن تستأنف الأسعار ارتفاعها يوم الإثنين بعدما أدى الهجوم الأميركي -الذي استهدف مواقع في فوردو ونطنز وأصفهان النووية- لزيادة المخاوف بشكل كبير في منطقة مسؤولة عن حوالي ثُلُث إنتاج النفط العالمي.
ويُتوقع أن تزداد حدّة التقلبات هذا الأسبوع، من أسواق الخيارات المحمومة، إلى أسعار الشحن والديزل المتصاعدة، وصولاً إلى تغير جذري في منحنى العقود الآجلة للخام ذي الأهمية الكبيرة.

 

•100 دولار للبرميل؟

"يتوقف الكثير على رد فعل إيران خلال الساعات والأيام المقبلة، لكنه قد يضع النفط على طريق تسجيل 100 دولار (للبرميل) إذا جاء رد إيران متماشياً مع تهديداتها السابقة"، كما يرى سول كافونيتش، محلل الطاقة في "إم إس تي ماركي" (MST Marquee).

وأضاف أن "الهجوم الأميركي قد يُوسّع نطاق الصراع بما يشمل استهداف إيران للمصالح الأميركية في المنطقة، بما في ذلك البنية التحتية النفطية بالخليج في مناطق مثل العراق، أو إعاقة حركة السفن في مضيق هرمز".

والمضيق الواقع عند مدخل الخليج العربي هو ممر حيوي، لا للشحنات الإيرانية فحسب، بل أيضاً لصادرات السعودية والعراق والكويت وغيرها من الدول الأعضاء في منظمة "أوبك".

لكن المحرك الرئيسي في كل هذا هو هدف إدارة ترمب النهائي في إيران، بعد انضمام الولايات المتحدة إلى الهجوم الإسرائيلي على بلدٍ يحتل المرتبة الرابعة عالمياً في حجم الاحتياطيات النفطية.


•السوق تحتاج إلى اليقين

خلال الأسبوع الماضي، بدا التدخل الأميركي وكأنه مسألة وقت لا أكثر. لكن ذلك تَغيّر في وقت متأخر من ليل الخميس، عندما قال ترمب إنه سيفكر في قراره حول إعطاء مهلة الأسبوعين (للتوصل لحل دبلوماسي قبل التدخل عسكرياً). ثم عاد ليعلن، في الساعات الأولى من صباح الأحد بتوقيت إيران، قصف مواقع "فوردو" و"نطنز" و"أصفهان"، مشيراً إلى إسقاط "حمولة من القنابل" على "فوردو"، أحد المواقع الرئيسية لتخصيب اليورانيوم.

"السوق تريد اليقين، وهذا التطور يزج بالولايات المتحدة بقوة في ساحة صراع الشرق الأوسط" بحسب جو ديلورا، المتداول السابق ومحلل استراتيجيات الطاقة العالمية في "رابوبنك" (Rabobank). متوقعاً "ارتفاع الأسعار الآن عند استئناف التداول بسوق النفط".

وتابع ديلورا: "لكنني أعتقد أنه سيجري تكليف البحرية الأميركية بضمان بقاء مضيق هرمز مفتوحاً"، مقدّراً أن "الأسعار ربما تتجه صوب نطاق 80 إلى 90 دولاراً للبرميل".

تجدر الإشارة إلى أنه لا توجد حتى الآن أية مؤشرات تُذكر على تأثر تدفقات النفط من المنطقة.

"إذا قدّمت الولايات المتحدة دعماً عسكرياً مباشراً لإسرائيل ولعبت دورها في الإطاحة بالنظام الحالي، فسيكون رد الفعل الأولي للسوق ارتفاعاً حاداً في الأسعار" وفقاً لما قاله تاماس فارغا، المحلل في شركة الوساطة "بي في إم أويل أسوشيتس" (PVM Oil Associates)، نهاية الأسبوع الماضي. إلا أن شركته تتوقع ألا يصبح النفط جزءاً من الصراع لأن ذلك ليس في مصلحة أيٍّ من الجانبين.

مصير النفط مهم لأنه يُحرك أسعار الوقود والتضخم، وهو أمر تعهد ترمب بمعالجته خلال حملته الانتخابية. وفي أوقات التقلبات الشديدة، يمكن أن يؤدي نقص إمدادات النفط أيضاً إلى تسريع الركود.


لا انحسار للتدفقات عبر مضيق هرمز

حتى الآن، لم يحدث أي انحسار ملموس للإمدادات عبر مضيق هرمز، الذي يمر عبره حوالي خُمس النفط المُنتَج والمُستهلَك على مستوى العالم يومياً. بل يبدو أن إيران تُسارع لزيادة صادراتها كجزء من استجابتها اللوجستية للصراع.

من شأن تجنب اتساع نطاق الحرب ومنع انقطاع الإمدادات أن يدفعا أسعار النفط إلى التراجع، وهو ما سيخفض أيضاً أسعار كل السلع التي ارتفعت بتأثير صعود النفط. في المقابل، قد يكون انضمام أميركا أمراً حاسماً، بإثارة تساؤلات حول أمن الممر المائي والمنطقة ككل.

أعلنت إيران يوم الجمعة أنها قد تدرس تعديلات على برنامجها لتخصيب اليورانيوم، ما أدى إلى انخفاض العقود الآجلة، وهو ما ينبّه العالم إلى أن إجراءات طهران مهمة هي الأخرى بالنسبة لأسواق النفط.

من بين الأصول التي تأثرت بالتوتر عقود الخيارات، حيث دفع المتداولون علاوات ضخمة للتحوط من المزيد من ارتفاع الأسعار.

في بعض الحالات منذ بدء الصراع، دفع المتداولون أسعاراً هي الأعلى منذ 2013 على الأقل للتحوط من ارتفاع الأسعار. كما جرى تداول كميات قياسية من خيارات الشراء المراهنة على الصعود منذ بدء الهجمات.

لكن السوق شهدت اضطرابات حتى قبل إعلان ترمب.

يقوم المتداولون بتصفية مراكزهم في العقود الآجلة بواحد من أسرع المعدلات على الإطلاق، وهو مؤشر على الضغط الذي تُحدثه مستويات التقلب المرتفعة على سجلات المشتقات، وكذلك المسار المستقبلي غير المتوقع.

في المجمل، تقلصت حيازات العقود الآجلة في البورصات الرئيسية بما يعادل 367 مليون برميل، أو حوالي 7%، منذ إغلاق جلسة 12 يونيو الجاري، عشية الهجوم الإسرائيلي. ويقول المتداولون والوسطاء إن ارتفاع مستويات التقلب جعل تسعير الصفقات أكثر صعوبة خلال الأسبوع الماضي.

يرى رايان فيتزموريس، محلل أول استراتيجيات السلع في "ماريكس غروب" (Marex Group) أنه "من المنتظر أن ينظر المتداولون والمحللون إلى تقلبات أسعار النفط الحالية في سياق تخفيف مخاطر المضاربة". مضيفاً أنه "خلال الفترة المقبلة ستكون تقلبات السوق والمراكز المفتوحة من ضمن الأمور الرئيسية التي تجدر متابعتها". 

 


قفزة في أسعار الشحن

قفزت تكلفة استئجار سفينة لنقل النفط الخام من الشرق الأوسط إلى الصين بنسبة تقارب 90% مقارنةً مع مستواها قبل الهجمات الإسرائيلية. كما ارتفعت أرباح السفن التي تحمل الوقود، مثل البنزين ووقود الطائرات، إضافةً إلى صعود علاوات التأمين.

وبرز الخطر على السفن في مياه المنطقة عندما اصطدمت ناقلتا نفط، ما تسبب في انفجار وحريق، وإن كانت الشركة المالكة للسفينة نفت أن يكون للحادث أي صلة بالصراع.

لكن إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) تتعرض للتشويش في نحو ألف سفينة يومياً، ما يُفاقم من مخاطر السلامة. وقال "مركز ميكا" (MICA Center)، وهو جهة تنسيق فرنسية بين الجيش والشحن التجاري، إن التشويش كان على الأرجح سبب "تفاقم خطورة" حادث الناقلتين.

وأضاف المركز في تحديث: "ستكون الأيام المقبلة حاسمة في تحديد مدى إمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي مع إيران، وما إذا كانت الولايات المتحدة قد تلجأ إلى العمل العسكري".

وتابع: "التجارة البحرية ليست مُستهدفة حالياً، لكن الوضع قد يتغير فجأة".

المخاطر التي تواجهها التدفقات النفطية من المنطقة، إلى جانب الارتفاع الحاد في تكاليف الشحن، يعززان الطلب على النفط الخام من خارج الخليج العربي.


احتمال التراجع

كلما ارتفعت الأسعار، زادت احتمالات تراجعها حال ظهور مؤشرات على خفض التصعيد.

وحتى لو ظلت التوترات مرتفعة، فهناك سابقة قبل بضع سنوات تم خلالها التوصل لحل سريع لمشكلة انقطاع كبير في الإمدادات.

عندما أدى هجوم عام 2019 على منشآت المعالجة والتكرير في "بقيق" بالسعودية إلى توقف 7% من الإمدادات العالمية، لم يستغرق الأمر سوى بضعة أسابيع حتى انخفضت أسعار العقود المستقبلية للنفط الخام عن مستوياتها قبل وقوع الهجمات، حيث جرى استئناف الإمدادات وتعويضها بسرعة.

وهذا أحد الأسباب التي يحيل لها المتعاملون عدم ارتفاع الأسعار بدرجة أكبر في الأيام القليلة الماضية، إلى جانب أن التهديد المستمر من المخاطر الجيوسياسية لا يتحول في الغالب إلى قيود حقيقية على الإمدادات.

وقال جون كيلدوف، الشريك في "أجين كابيتال" (Again Capital): "هذا هو العامل الأكبر"، مشيراً إلى أن علاوة مخاطر قدرها 8 دولارات للبرميل مقبولة.

وأضاف "العلاوة الاعتيادية في مثل هذه الظروف قد تكون أعلى، وسيعتمد مدى ارتفاعها على رد إيران، أو الاحتمالات الواقعية لرد ذي مغزى، وهو أمر قد لا يحدث".


التعليقات